
د. شريف الطاهر
تطل علينا بين الفينة والأخرى اصوات نشاز ترتدي ثياب الوطنية والحرص على فلسطين وقضيتها، وتقوم بمحاولات النيل من رموز نضالية يشهد لها القاصي والدان، تلك الرموز التي حفرت اسمائها على جدران الزنازين والمعتقلات الإسرائيلية وقدمت للوطن والقضية ما عجز عنه الكثيرون، والهدف من تلك المحاولات هو تدمير المشروع الوطني الفلسطيني من خلال تشويه تلك الرموز.
إن من يدعي انه حريص على حركة فتح وتماسكها وقوتها لا يرتهن بأجندات خارجية وتكون له بوصله واحدة هي القدس، كما وانه لا يطلب لحماس الفوز في انتخابات المجلس التشريعي المقبلة ويتمنى خسارة حركة فتح لسبب واحد واوحد وهو الحقد الدفين في داخله لقيادات فتحاوية وازنة تعتبر احد صمامات الأمان، ليس للحركة فقط، وانما للقضية الفلسطينية وللمشروع الوطني برمته، وتقف خلف قيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس درعا حصينا لحماية انجازات شعبنا وافشال المؤامرات عليه.
ففي احدى الجلسات التي جرت في احد الأمكنة في اوروبا قبل عدة ايام، لمن يسمون انفسهم بالتيار (الاصلاحي)، شاركت فيه مجموعة من الفلسطينيين الذين يدعون انهم يمثلون حركة فتح وأنهم الأحرص عليها، تمنى كبير الجلسة السقوط لحركة فتح في الانتخابات التشريعية لسبب وحيد وهو الحقد الدفين داخله وداخل من يلتف حوله لشخوص الرئيس الفلسطيني محمود عباس ولرئيس المخابرات العامة الفلسطينية ماجد فرج وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ.
يتباكون على حركة فتح وهم اول من استل سكينه ليطعن خاصرتها، وحين رأوا صمود رئيس الحركة ورئيس دولة فلسطين ومن حوله امام اعتى رؤساء الدول واسوأها، وقال الرئيس ابو مازن على الملأ جملته لا لترامب والقدس عاصمة دولة فلسطين، بدأت جحافلهم تحيك المؤامرات وتنفث السموم لتحطيم معنويات الرئيس وقيادته والتباكي على فتح واصلاحها. كان الأحرى بهم أن يسموا انفسهم تيار تدمير فتح الاماراتي بدلا من تيار فتح الاصلاحي، اذ لا يعقل ان يتحالف من يدعي الحرص على فتح مع من يحارب فتح ويقتل ابنائها ثم يأتي للتباكي عليها. ورحم الله محمود درويش الذي قال في شعره قاتل يدلي بسكين وقتلى يدلون بالأسماء، وهنا الاسماء كثيرة ولا مجال لذكرها.
لا يضير القافلة نباح الكلاب مهما علا صوتها، ولن تثني ماجد فرج وحسين الشيخ عن جادة المبادىء والقيم والانسانية التي يتمسكان بها، فماجد فرج هو انسان بكل معاني الانسانية، مناضل صلب عرف النضال ايام الثورة وعنفوانها، فعايش النضال الوطني الحقيقي في ازقة المخيم وفي جبال بيت لحم ووديانها، وكان يزداد ايمانا وتصميما كلما لمح من بعيد مسقط راس آباءه واجداده رأس ابو عمار المواجهة لتلال بيت لحم والمغتصبة منذ عام 1948، تلك القرية التي يتشوق للعودة لها والنوم في احضانها واستنشاق هوائها المعبق برائحة الزعتر. وكان لهذا الحب ولهذا النضال ثمنا باهظا، حيث افنى زهرة شبابه في سجون الاحتلال، وقدمت اسرته عددا من الشهداء والمعتقلين والجرحى شهدت لهم مدينة بيت لحم ومخيماتها وقراها، وكان من ضمنهم أقرب المقربين منه، شقيقه ووالده.
ومع دخول اول سلطة وطنية فلسطينية الى ارض الوطن، شمر ابو بشار عن ساعديه ليستكمل مسيرة النضال والتحرير، وانخرط في بناء هذه السلطة الناشئة، وافنى فيها عمره المديد ليقدم كل غالي ونفيس في سبيل تحقيق الحلم الفلسطيني برؤية بزوغ فجر الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، فتدرج فيها من واجب الى واجب حتى شرفه فخامة الرئيس محمود عباس بقيادة جهاز المخابرات العامة، ذلك الجهاز الذي اضحى بهمته وتصميمه صمام الأمن والأمان لكل اطياف الشعب الفلسطيني واصبح الحارس المؤتمن على الحلم الفلسطيني.
واللواء ماجد فرج يقود اليوم جهاز المخابرات العامة الفلسطينية بعقيدة وطنية راسخة، فهو دائما ما يؤكد بأن جهاز المخابرات العامة سيظل أحد اركان دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف بقيادة فخامة الرئيس محمود عباس، في ظاهرة نبيلة ذات عقيدة فلسطينية واضحة وضوح الشمس، تتمثل في ابجدياتها بحماية الوطن والمواطن وترسيخ سيادة النظام والأمن والقانون، وعمادها أن كرامة وأموال وأعراض أبناء الشعب الفلسطيني أمانة في اعناق الجهاز وضباطه ومنتسبيه، الذين هم راس الحربة في معركة حماية الوطن والمواطن الذي يفتديه الجهاز وابناءه بارواحهم.
أما حسين الشيخ، فرام الله والقرى المحيطة بها تعرفه حق المعرفة، تلك المناطق التي كانت تقصد اسواق رام الله للتسوق أيام الاحتلال وقبل دخول السلطة الوطنية الفلسطينية، وما زالت الى يومنا هذا تعرف والد حسين الشيخ ومحلاته التجارية الواقعة في قلب مدينة رام الله التجاري، ويعرف الجميع بأنها أسرة موسرة واعمالها التجارية في توسع مستمر وناجح، وكانت من الاسر المخملية المعدودة في المدينة.
الطبيعي في مثل هذه الظروف والبحبوحة من العيش ان يكون ابا جهاد منغمسا في التجارة والساعد الايمن لوالده في رعاية مصالحهم التجارية، لكن الفتى كان منغمسا في مصلحة اعم واوسع، تخرج من اطار البقالات الطريفية الى اطار الوطن الرحيب، تاركا خلفه كل اشكال الثراء والبحبوحة الى ثراء اوسع حدوده البحر غربا والنهر شرقا وسقفه عنان السماء، فبدلا من التوجه الى محلات والده التجارية بعد المدرسة مثل كثير من زملاءه، كان يتسكع مع بعض زملاءه الثقات في شوارع رام الله وازقتها ليس لتصيد الفتيات العائدات من مدارسهن، وإنما من اجل تصيد دورية لحرس الحدود التي تجوب شوارع رام الله ليل نهار، فيقصفونها بحجارتهم ويعودون الى قواعدهم سالمين، ودام الحال هكذا واعتقل عدة مرات ليقوم والده بدفع كفالات مالية كونه كان قاصرا.
لم تقف اعمال حسين الشيخ عند حد المشاركة في قيادة مدارس رام الله في المظاهرات التي تخرج في كل مناسبة وطنية، بل تعدتها الى الانخراط في العمل العسكري والانضمام الى القطاع الغربي المسؤول عن الارض المحتلة، ودفع ثمن ذلك سنوات عديدة من عمره في سجون الاحتلال. ومع دخول الانتفاضة الاولى كان حسين الشيخ احد اركان قيادتها الموحدة ليتم اعتقاله من جديد، وتدرج تنظيميا حتى انتخب عضوا في اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمرها السابع.
نختم بإحدى مقولات الفيسلوف الشهير صن تزو في كتابه رسالة فن الحرب الذي يقول فيها بأنه ليس هناك فن أسمى من فن القضاء على مقاومة الخصم من دون اللجوء إلى العنف المسلح، وهذا الفن يحتاج الى خمس خطوات، من أهمها تلطيخ سمعة الخصم في جميع المناطق .. ولاولئك المتطاولين نسأل هل اصبحت فتح عدوا لكم، وهل اصبح الرئيس محمود عباس واللواء ماجد فرج و حسين الشيخ خصوما لكم، أم انكم تدركون ان عظمة فتح بعظمة قادتها فتطاولتم عليهم للنيل من الحركة وأضعافها في هذا الوقت بالذات.. اطمئنوا ففتح بخير طالما فيها العباس والماجد والشيخ ومن خلفهم كل الشرفاء، أما انتم فاصلحوا انفسكم اولا وكونوا بعد ذلك اصلاحيين…